حين تحضرين..
أدرك بيقين بائس أن النساء غواية الحنين.. وتلعثم الصمت..!
وأنك وحدك مدينة الذكرى البعيدة.. تلك التي اكتفت بساكنيها.. لا يقيم فيها زائرٌ، ولا يتوب فيها الشعراء عن ذنوب قصائدهم..!
منذ الفراق.. وأنا لا أسأل عنك إلاي.. ولا أتعقبكِ إلا فيَّ.. ولا أعانقك إلا في صلاتي.. ولا أمارس معك الحب إلا آخر القصيدة..!
بين الحاء ونميمة الحب.. شعيبات وجدانية في رئة اللحظة..!
لم أكن أعلم أن ثمة صوت آخر للحاء.. حتى وإن حمل هذا الحرف منذ فجر اقترانه بالباء كل لحظات العشق في تاريخ البشرية..!
صوت لا يعرفه غيري ولا يستطيعه غيرك..!
يشبه خوف طفلة صغيرة من البرق..
أو يشبه دبيب أصابع أمومية في فروة أحزاننا..
صوت تتلقفه الأذن دون وسيط شفوي..
هكذا.. هكذا يشبه بكاء أمي وضحكة (وفاء) وابتسامة (ليلى)...!
يا الله.. إنك امرأة من زنابق الحنين.. ومسبحة الدعاء..
امرأة من هدايا الغناء وتبعات القصيدة..
ساهرة أنت في دمي الآن..
تشعلين شمعة ذكرى.. تتهجّين صوتي حينما أدّعي الغناء وأحترف اللهجة (الحجازية)...!
أيتها المعتذرة حتى للاعتذار، المعطاءة حدّ الذات، والمرتبكة قبل لقاء وجهي..
ليتكِ تستيقظينَ الآنَ وردة بيضاء فاقع قلبها..!
أيتها النائمة الآن تحت أزيز التكييف ووحشة غيابك عني..
متى ستسألين المطر عن موعد الربيع..؟!
ومتى ستعرفين أن النبات الصيفي آيل للحصاد دائماً..؟!
موغل أنا الآن فيك أو في الحزن القادم آخر هذه الطريق..
لا أرى إلا أدغال أحلام وأضغاث ذكرى ورجل آخر غيري تأوي إليه حاؤك الأولى..!
يااه..
ما أبشع أن تغيبي عني فأتذكّر أن الغياب خاتمة حكايا الحاء وأن الحضور (نقطة الباء) التي ستغفلها طباعة الخواتيم في صفحاتنا..
احضري الآن وغيبي غداً إذن..
لا حيلة لي إلا تأجيل غيابك والتسويف في حزني عليك..!